يساور القلق ابناء محافظة تعز اليمنية التي يخيم عليها الحرب والحصار منذ اربع سنوات، وتزداد فيها معاناة الأهالي مع تأخر التحرير الكامل للمحافظة وطول أمد الحرب وتفشي الأمراض والأوبئة وارتفاع الأسعار.
ما يضاعف هذا القلق اكثر هو تعقيدات المشهد السياسي المتنامي في ظل الأزمة الخليجية التي القت بظلالها على الوضع في اليمن بشكل عام ، و تعز بشكل خاص لما تشكله من اهمية استراتيجية وسياسية وعسكرية في مسار الحرب في اليمن ، ويظهر الإستغلال الذي وصفه بعض المراقبين بـ السيء للوضع في تعز من خلال التناول الإعلامي الأخير لوسائل إعلام إقليمية بغرض تحقيق انتصارات محسوبه في صراعها مع دول اخرى.
في هذا التقرير يحاول "الجند +" تسليط الضوء على ابرز تلك التناولات الإعلامية للمشهد في تعز، في وسائل الإعلام الإقليمية ونتاج هذا التناول على الوضع في المدينة واضراره المستقبيلة ، والتأثير السلبي لهذا الصراع، ورأي الشارع في تعز.
*تراشق الضد
اثار التناول الإعلامي لوسائل اعلام وقنوات اقليمية مثل "قناة الجزيرة" القطرية، وقناة "سكاي نيوز" الإماراتيه وكذا قناة الحدث بالإضافة الى قنوات ومواقع اخبارية ، صدمة كبيرة لدى جمهور عريض من اليمنيين والمتابعين للشأن اليمني وذلك من خلال محاولة تعزيز الصراع في تعز وإظهاره بوجه غير وجهه الحقيقي.
وكان الفيلم الإستقصائي الأخير " كتائب ابوالعباس" الذي بثته قناة الجزيرة مؤخراً قد اشعل موجه انتقادات بررها البعض بضعف المحتوى المعلوماتي للفيلم، فيما قال البعض الآخر ان محتوى الفيلم يسيء لتعز اكثر مما يخدمها وان عرضه جاء في اطار الأزمة الخليجية القطرية السعودية الإماراتيه على وجه التحديد..
على الجانب الآخر لم يغب دور الإمارات التي كرست جهودها الإعلامية عبر وسائل اعلامها من خلال العديد من البرامج والتقارير التي تناول محتواها الإشارة الى حزب تجمع الاصلاح " و وصفه بالفصيل الإرهابي الذي يتهدد تعز، متهمة اياه في الوقت ذاته بعقد اتفاقات وصفقات مع مليشيات الحوثي برعاية قطرية.
لماذا تعز؟!
سؤال يتجدد طرحه كلما زادت تعقيدات الوضع في تعز وكثرت محاولات استخدامها كورقة رابحة سواء في خلافات الشرعية مع بعض اطراف التحالف كالإمارات، او في صراع النفوذ بين قوات التحالف العربي نفسه ، ويبدو ان الإجابة على سؤال كهذا ترتبط بعدد من العوامل اولها وجود اطراف داخل البيت التعزي تعمل بوضوح على زعزعة امن واستقرار المدينة وضرب صورتها من الداخل.
ورغم وجود عدد من التباينات والإشكالات في تعز الى أن الأوضاع فيها تبدو على غير ما تحاول بعض القنوات والجهات تصويره، من ان الصراع القائم بين فصائل واحزاب سياسية، في الوقت الذي يرى البعض ان التوصيف الحقيقي لما يجري في تعز بالصراع بين الدولة بمؤسساتها العسكرية وبين جهات نافذة، وجماعات خارجة عن اطار الشرعية والجهاز العسكري.
* الصراع الناعم
يرى البعض ان الصراع الناعم، وأحيانًا الخشن - بين مختلف القوى والدول التي جمعها محور "التحالف العربي" المناهض للانقلاب والمناصر للشرعية - أفقد تعز الكثير من القوة والتأثير الذي تلعبه في معركة مواجه الإنقلاب، ومسألة التحرير وتحديد مصير الحوثيين وسيطرتهم على المحافظات الشمالية والجنوبية التي تتوسطها تعز.
بدا ذلك من خلال تعطيل نفوذ قوى الشرعية غير المنسجمة مع توجهات هذا الطرف او ذاك، وتركها تستنزف ذاتها في معركة منسية مع الحوثيين، في ظل إمكانيات شحيحة من الأسلحة والذخائر، وانقطاع مرتبات الجنود.
ومنذ سنوات لم يعد التحالف مهتمًّا بكسر الحصار عن تعز، رغم أهمية ذلك في تحقيق مكاسب ثمينة في جبهات أخرى، بل انصبَّ اهتمامه على جعل تعز بؤرة للاستنزاف بضرب الحوثيين بقوات الجيش، وإشغال قوات الجيش بصراع الجماعات المسلحة داخلياً، ومثالاً على ذلك ما تفعله بعض دول التحالف المسكوت عنها من قبل قادة التحالف " السعودية " من دعم لجماعات مصنفة على قائمة الإرهاب، وتعمل خارج منظومة الجيش الوطني.
*عوامل مساعدة.
في بعد آخر يرى البعض ان هذا المخطط الرامي لإستغلال تعز لم يكن ليتحقق لولا تلك الخلافات بين مختلف قوى الشرعية، و عدم اتفاق تلك القوى على رؤية مشتركة للعمل ودعم الشرعية حتى انتهاء عملية تحرير اليمن .
كما أن وقوع بعض القيادات السلطة المحلية تحت تأثير بعض الدول الإقليمية ساهم إلى حد كبير في تفاقم الوضع بتعز .
وبالرغم من اتخاذ قادة الجيش الوطني واللجنة الأمنية قرار في إغلاق بعض الوسائل والقنوات الإعلامية تفاديا للدور السلبي التي قد تلعبه و لإيقاف الضخ الإعلامي المغذي للصراع الاقليمي وتأثيراته المحتملة في المحافظة ، إلا أن تلك الخطوة على ما يبدو لم تكن كافية ، و لم يواكبها تحركات لإيقاف كل عوامل نقل الصراع الإقليمي إلى تعز .
فالموضوع على ما يبدو وحسب مراقبين يتطلب قرار جمعي مسئول لقطع كل الارتباطات غي
ر الوطنية وإدارة المحافظة برؤيا وطنية محكومة بواقع الشارع وتنوعه واحتياجاته وأولوياته.
*تسخين إعلامي!
الدكتور عبدالقادر الجنيد تسائل عن سر ما اسماه بـ الستخين الإعلامي على تعز بين قناة الجزيرة من جهة وبين الحدث وسكاي نيوز من جهة اخرى مضيفاً :
محافظة ومدينة، مهملة ومركونة على الرف وأحوالها سيئة ومحاصرة ولا يوجد داخلها ما يستدعي الإنتباه، وكل شيئ راكد ، بينما المنطقة والإقليم يغلي ويفور بأحداث مثيرة ،
ماذا يريدون من تعز؟
من جهتها علقت الناشطة "ربا الجندي" بالقول:
الجزيره تفعل تقرير عن ابو العباس في تعز ، وسكاي نيوز تفعل تقرير عن الاصلاح في تعز، وقريباً السعودية الاخباريه ..مش قلت لكم المتضرر تعز فقط ،وهي حلبة صراع بين دول الخليج.
ويوافقها في الطرح الناشط يعقوب الشميري الذي غرد في صفحته على فيس بوك: بثت قناة الجزيرة القطرية فلمً عن تعز بأنها إرهابية، ترد عليها قناة سكاي نيوز الاماراتيه بفلم أن تعز أم الإرهاب، واصحابنا فرحين بتهمة الإرهاب، هل يوجد غباء أكثر من هذا؟
*الصراع بالوكالة
وفي خضم هذا الضخ الإعلامي والتراشق بين وسائل الإعلام، وقياس ردة الفعل الشعبي ومآلات الوضع في المدينة، تبدو تعز هي الخاسر الوحيد التي تدفع ثمن ذنب لم تقترفه وهي المدينة التي لايبدو ان الوضع فيها يحتمل استغلالاً من هذا النوع الذي يضاعف من معاناتها.
ويحذر مراقبون من خطر وكارثية هذا الصراع على مستقبل الوضع في تعز من خلال إضعافها داخلياً، وارهاقها سياسياً وعسكرياً بالإضافة الى الإسهام في تأخير تحريرها ومضاعفه معاناتها وخطورة استغلال محور الإنقلاب الذي لا يزال يحاصر المدينة لهذا الأمر، ما يعني ان الأوضاع في تعز قد تتجه نحو مزيد من التعقيد..
فهل ستعمل الشرعية والسلطات في تعز على تجنيب المدينة سيناريو الفوضى والإستغلال الإقليمي السلبي المتكرر للوضع فيها، وهل تنجح تعز في الإنتصار لذاتها والتغلب على عوامل الشد والجذب ؟!
#الجند_بلس
https://t.me/Aljanadplus