إذا كانت التقارير الحقوقية اثبتت بأن مليشيا الحوثي زرعت ملايين الألغام في الأراضي اليمنية، وحصدت بها آلاف اليمنيين؛ فإن هناك ماهو اشد خطواً من تلك الألغام على الإنسان والمجتمع اليمني، وهو خطر تفخيخ عقول الناشئة وتلغيمه الأجيال بالأفكار الطائفية السلالية.
فالمجتمعات والشعوب تستطيع أن تعوض خسائرها المادية بعد انتهاء الحروب، وتتعافى وتنهض من جديد مهما بلغت خسائرها الاقتصادية والبشرية؛ لكنها تفشل فشلاً ذريعاً في النهوض واستعادة دورها أمام الأجيال المشوهة فكرياً والمختلة عقائدياً والمنحرفة ثقافياً، خصوصاً تلك التي تربّت في محاضن متطرفة، على العبودية للأفراد والقداسة للاشخاص والاصطفاء العرقي السلالي وادعاء الحق الإلهي دون الآخرين.
فالمليشيات تدرك أن جيل اليوم متعلم، لا يؤمن بفكرتها الظلامية ولا يستسيغ أيدلوجياتها العنصرية، لأنه تربى على معاني الوطنية وتشرب قيم الجمهورية ومبادئ الوسطية والاعتدال، ووجدت نفسها عاجزة عن اقناع الكثير بفكرتها، دون استخدام العنف وسلطة الأمر الواقع المفروضة بقوة السلاح.
لذلك تسعى جاهدة لاستهداف الناشئة وشريحة الأطفال ببرامج توعوية متطرفة، تغسل بها أدمغتهم، وتحشو بالكراهية والعنف أفكارهم، وتلغم بأفكار السلالة عقولهم، وتفخخ الأجيال بثقافة الكهنوت، واتهام من يخالف جماعتهم ويقف مع مشروع الجمهورية بالخيانة والعمالة والتكفير، وصولاً إلى تخريج جيل مشحون بالعنصرية والمذهبية..
جيلٌ مجرد من كل قيم السماحة والشراكة والقبول بالآخر، عار من الثوابت الوطنية والعقيدة الصحيحة، خال من مبادئ التعايش والأمان، مفخخ برؤى اقصائية تبقي على الضغائن والإحن وعدم الاستقرار والعيش بسلام ووئام.
ولأن اليمن السعيد سيعاني مستقبلاً من خطر هذه الكارثة، أدعو الجميع إلى تحمل مسؤليته التأريخية والوطنية والاجتماعية، في حماية الأجيال من خطر السلالية التي تبث المليشيات سمومه في المراكز الصيفية والدورات التفخيخية.
يجب على الآباء أن يحموا أبناءهم من خطورة هذا الاستقطاب المنظم الذي يجعل من الأبناء خصوما لأبائهم وقنابل موقوتة في وجه أسرهم ومجتمعاتهم ووطنهم.
حصنوا أبناءكم قبل أن يتحولوا وحوشا كاسرة تتقرب بقتلكم طاعة للسيد، إن لم يعودا إليكم أشلاء وصوراً على توابيت الموت من جبهات القتال النازفة.
دعوة لوسائل الاعلام المختلفة بنشر الوعي بأهمية مشروع الدولة والجمهورية وثقافة القانون والوسطية، وتوحيد الخطاب الإعلامي، وما من شأنه حماية الأجيال من الإنحراف وتحصينهم فكريا وثقافياً من خطورة الأفكار الطائفية والظلامية والكهنوتية.