تحاول مليشيا الحوثي المدعومة إيرانيًا، الالتفاف على الهدنة الأممية وتصرّ على الاستمرار في فرض حصارها الخانق على تعز، من خلال لجوئها إلى شق طريق فرعي ترابي، ليكون منفذًا للمدينة، عوضًا عن المنافذ الرئيسية للمدينة، التي تغلقها ذات المليشيا منذ أكثر من سبع سنوات.
وأمس السبت، أعلنت مليشيا الحوثي البدء في عملية رفع الحواجز الترابية تمهيدا لفتح طريق فرعي يكون بمثابة منفذ للمدينة المحاصرة، وذلك قبيل انعقاد جولة ثانية من المفاوضات مع وفد الحكومة بشأن هذا الملف في العاصمة الأردنية عمّان.
وأوردت ما يُسمى بوكالة "سبأ" التابعة للانقلابيين الحوثيين، أن محافظ تعز المعين من الانقلابيين، "صلاح بجاش" أشرف على فريق رفع الحواجز التربية تمهيداً لفتح طريق من وسط شارع الستين مروراً عبر شارع الخمسين ومن ثم الأربعين وصولاً إلى مدينة النور وبير باشا داخل المدينة".
واعتبر نشطاء أن هذه الإجراءات الحوثية الأحادية، مخالفة واضحة لما نصت عليها الهدنة الأممية التي أعلنها المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، مطلع أبريل الماضي، والتي من أبرز بنودها؛ إعادة تشغيل الرحلات التجارية عبر مطار صنعاء وفتح ميناء الحديدة أمام السفن، إضافة إلى فتح الطرق في مدينة تعز، وهو البند الذي ما تزال المليشيا ترفض تنفيذه، رغم أن مطار صنعاء وميناء الحديدة أصبحا فعّالين.
تحذيرات من المساعي الحوثية
ووفق ناشطين، فإن المليشيا، وعقب الضغوط الدولية، تحاول استباق موعد الجولة الثانية من المفاوضات بخصوص منافذ تعز، من خلال فتح معبر ثانوي من جانبها ، لا ينسجم بأي حال من الأحوال ومتطلبات رفع الحصار الفعلي عن المدينة، في محاولة لاتهام سلطات تعز الشرعية بعرقلة فتح الطرقات.
الناشط السياسي والمجتمعي، وائل المعمري، قال في منشورٍ على صفحته بالفيسبوك، تابعه (الجند بوست)، "ما لم يتم فتح ( طريق عقبة منيف _جولة القصر ) أو ( طريق حي الكمب _ القصر الجمهوري _ جولة القصر ) أو على أقل تقدير ( طريق عصيفرة _ شارع الأربعين _ كمب الروس _ الجهيم _ الجملة _ جولة سوفتيل _ الحوبان )، فإننا سنكون في وارد الحديث عن أكبر مغالطة في تاريخ تعز المحاصرة إسمها ( فتح المعابر ) !!".
وفي ذات السياق، حذّر مراقبون من القبول بالخطة الحوثية، مؤكدين أن المليشيا تحاول خداع الرأي العام المحلي والدولي، في الوقت الذي تصرّ فيه على المضيّ في حصار تعز، وإغلاق المنافذ الرئيسية.
الإعلامي علي عزي، قال في منشور على حسابه بالفيسبوك، مخاطبًا أبناء تعز "إياكم والقبول بفتح خطوط بديلة عن الخط المعروف والرسمي، ومن سيطبل أو يزمر لخطوة كهذه فتأكدوا من أنه لا يختلف عن الطبل والمزمار في شيء". داعيًا أبناء تعز للاستمرار في المطالبة بحقهم في فتح الطرقات والممرات الرئيسة.
وأضاف: "يسرقون خبزكم .. ثم يعطونكم منه كسرة .. ثم يأمرونكم أن تشكروهم على كرمهم .. يا لوقاحتهم"
واختتم عزي منشوره بالقول: "فتح المعابر والطرقات عن المدينة المحاصرة هو حقكم فلا تتنازلوا عنه بالقبول بالفتات والفضلات".
طريق عسكرية
من جانبهم، أكد محللون وخبراء عسكريون ونشطاء، أن الطريق البديل الذي أعلنت مليشيا الحوثي أنها ستفتحه منفذًا لتعز، الهدف منه عسكريًا، في المقام الأول، تريد المليشيا من خلال اختراق مواقع الجيش الوطني.
العقيد عبدالرحمن اليوسفي، رئيس المركز الإعلامي لمحور تعز، قال في توضيح تابعه (الجند بوست)، إن "الطرق البديلة التي تتحدث عنها المليشيا الحوثية وتريد تنفيذها هي في الحقيقة لِأهداف عسكرية لاعلاقة لها بالمبادرة الأممية".
ولفت إلى أن "الأعمال المنفذة من طرف واحد الهدف منها عرقلة تنفيذ استحقاقات الهدنة والدخول في مهاترات جانبية لا تخدم جهود رفع الحصار، بل زيادة معاناة السكان المحاصرين".
وأكد العقيد اليوسفي أن "أي أعمال شق جديدة تعدّ أعمال هجومية يجب علی الجيش الوطني منعها واستهداف المعدات المنفذة لها بكل حزم وبدون تردد".
الصحفي احمد البكاري، قال إن "خطة الحوثي باستحداث معبر جديد من الجهة الشمالية تحديدا لمدينة تعز، ليس منفذ إنساني لعبور السكان".
وأكد البكاري أن الهدف الحوثي هو العبور إلى الجبلين الإستراتيجين "جرة والدفاع الجوي".
فيما قال الناشط عبدالله الشرعبي، "منذ ثمان سنوات لم يستطع الحوثي شق خط امداد عسكري الى اطراف الدفاع الجوي والمناطق المجاورة شمال مدينة تعز" مضيفًا: "واليوم يشقها مستغلا الهدنة والمفاوضات تحت مسمى فتح منفذ".
وأشار إلى أن ما تقوم به مليشيا الحوثي من أعمال شق تعد أنشطة عسكرية لا علاقة لها بالجوانب الإنسانية.
موقف فريق التفاوض الحكومي
وبدوره، أعلن فريق التفاوض الحكومي صباح اليوم الأحد، رفضه الاجراءات الأحادية للميشيا الحوثية، التي تحاصر تعز منذ سبع سنوات.
وقال رئيس الفريق عبدالكريم شيبان في بيان: "تفاجئنا بحديث وسائل إعلام تابعة لجماعة الحوثي حول الذهاب في إجراء أحادي لفتح طريق ترابي مجهول، في محاولة مكشوفة لإحباط جهود الأمم المتحدة والالتفاف على المشاورات الجارية".
وأكد أن أي محاولة تذهب إليها المليشيا لفرض رؤيتها الأحادية، تخل تماما بجوهر عملية النقاش الجارية، وتنسف الجهود الأممية في حلحلة هذا الملف الإنساني.
ولفت إلى أن إجراءات الحوثي تكشف بجلاء عن نوايا مسبقة للتهرب من الالتزامات التي تنص عليها الهدنة.
وحمل الفريق الحكومي المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، المسؤولية القانونية والأخلاقية والإنسانية في التصدي لهذه الألاعيب المفضوحة.
ودعا شيبان المبعوث الأممي إلى الضغط على هذه الجماعة لوقف هذه المهازل واحترام النقاشات الجارية تحت رعاية الأمم المتحدة.
كما دعا المجتمع الدولي، وكل العالم لإدانة الحصار الوحشي الذي تفرضه المليشيات على محافظة تعز منذ سبع سنوات، وممارسة ضغوط جادة على هذه المليشيات لاحترام الاتفاقات والتفاهمات، والكف عن التعامل مع القضايا الانسانية بهذه الطريقة المشينة، وسرعة الالتزام ببنود الهدنة الأممية التي تقضي بفتح الطرق الرئيسية، وتسهيل حركة تنقل المدنيين والبضائع، باعتباره حق إنساني مكفول في جميع القوانين والأعراف الدولية والإنسانية.
ومن المقرر أن تبدأ اليوم الأحد جولة جديدة من المفاوضات، بعد انتهاء جولة سابقة بدون نتائج، وسط اتهامات للأمم المتحدة بالتواطؤ مع الجماعة المتمردة وعدم الجدية في الضغط عليها لتنفيذ بنود الهدنة ورفع الحصار عن تعز.