تشهد مدينة تعز غضبًا شعبيًا واسعًا جراء التجاهل الأممي والحكومي المتواصل، للحصار الحوثي المفروض على المدينة منذ أكثر من سبع سنوات.
وتصاعد الغضب الشعبي عقب استئناف الرحلات التجارية من وإلى مطار صنعاء، صباح أمس الاثنين، والذي كان من المفترض أن يتزامن استئنافها مع فتح منافذ تعز، وفقًا لبنود الهدنة التي أعلنتها الأمم المتحدة في مطلع أبريل المنصرم، والتي وافقت عليها الحكومة الشرعية وجماعة الحوثي المدعومة من إيران.
وفي الوقت الذي رحب فيه النشطاء بفتح مطار صنعاء أمام المواطنين، رغم احتمالية أن تستخدمه مليشيا الحوثي لاستقدام إيرانيين ولبنانيين للقتال في صفها، أكد الناشطون أن استمرار حصار تعز يؤكد أن الأمم المتحدة تتجاهل الكارثة الإنسانية التي يعانيها ملايين المواطنيين في المحافظة.
وتعليقًا على فتح مطار صنعاء واستمرار حصار تعز، قال الناشط ماجد احمد غالب، في منشور على صفحته بالفيسبوك: "المسافرون من صنعاء الى الاردن قد وصلوا والمسافرين من تعز الحوبان الى المدينة عادهم في الأقروض".
وقفة احتجاجية ومطالب شعبية
وصباح اليوم الثلاثاء، نفذ عشرات المواطنين في مدينة تعز وقفة احتجاجية، أمام منفذ جولة القصر المغلق، للمطالبة برفع الحصار الحوثي المفروض على المدينة منذ سبع سنوات.
وقال المحتجون في بيان، "لقد مرت سنوات طويلة منذ أن أطلقت تعز أول صرخاتها للفت أنظار العالم إلى الكارثة التي تعيشها جراء الحصار الحوثي، لكن مع الأسف لم يسمعها أحد، ولم يتم رفع الحصار، بل حدث ما هو أفظع من ذلك".
وأضاف البيان: "ما نشاهده اليوم من تحول هذا المطلب الإنساني إلى مجال للتفاوض والمقايضات السياسية يكشف حجم الإجرام الحوثي، والخلل القيمي الكبير في أداء الأمم المتحدة، ومبعوثها الخاص إلى اليمن".
وتابع البيان: "رغم المعاناة، وتآكل ثقتنا بالأمم المتحدة والمجتمع الدولي، فقد جاهدنا إحباطنا، واستبشرنا خيرا بإعلان الهدنة التي تضمنت فتح الطرق في مدينة تعز، وها هو زمن هذه الهدنة يتلاشى الان، وسط صمت حكومي غريب، وتجاهل أممي لجريمة الحصار، التي كان يفترض أن تكون في صدارة أولويات المبعوث الأممي، وصدارة عناصر الهدنة المزعومة".
وطالب المحتجون، مجلس القيادة الرئاسي، بالوقوف أمام هذه المأساة، كما يليق بمجلس مسؤول يهتم لمعاناة شعبه، وذلك من خلال وقف كافة أشكال التفاوض مع الحوثيين، وعدم التعاطي مع أي مبادرات خارجية قبل رفع الحصار عن تعز وفتح طرقاتها بشكل كامل وفوري.
ودعوا الأمم المتحدة، إلى الكف عن هذا التجاهل المريب لكارثة إنسانية يعيشها الملايين في تعز، والتنفيذ الفوري لتعهداتها بفتح طرقات المدينة، وبدء عملية شاملة لإغاثة السكان المحرومين من المساعدات الإنسانية منذ سنوات.
وناشد المحتجون، العالم الحر بكافة منظماته، وهيئاته التدخل وممارسة الضغوط لرفع الحصار عن مدينة تعز بشكل كامل، والمبادرة إلى إغاثة ملايين المتضررين، ودعم جهود استعادة الحياة في المحافظة.
معاناة وخذلان
وبعد أن كانت المسافة من مدينة تعز إلى الحوبان تُقطع بأكثر من عشر دقائق، أصبحت بفعل الحصار الحوثي المتواصل، تستغرق نحو 6 ساعات، وذلك عبر طُرقٍ شديدة الوعورة، في ظل تجاهلٍ أممي وخذلان حكومي.
الناشط وليد الجبزي، أكد في منشورٍ على صفحته بالفيسبوك، إن "تعز تدفع ثمن الحرية والعزة والكرامة". لافتًا إلى أن الجميع يرفضون فك الحصار عن هذه المدينة.
وأوضح الجبزي: "قيادات السلطات الثلاث من تعز، والسياسيين والدبلوماسيين من تعز، والناشطين الحقوقيين والإعلاميين معظمهم من تعز". مضيفًا: "لكن جميعهم لم يستطيعوا إيصال رسالة مدينتهم إلى العالم"، حسب قوله.
ماذا وراء الأكمة..؟
ويرى خبراء أن الهدنة الحالية تشبه اتفاق استوكهولم الذي لم يستفد منه سوى المليشيا الحوثية، لافتين إلى أن طريقة تعامل الأمم المتحدة في تنفيذ الهدنة، إضافة إلى تعاطي كل من الحكومة والحوثيين معها، يكشف أنها أيضًا تصب لصالح أدوات إيران.
الخبير العسكري علي الذهب، قال في تغريدة على تويتر، "خرج الحوثي من اتفاق ستوكهولم (عام 2018)، مثقلا بالمكاسب، فيما عادت الحكومة اليمنية فارغة الوفاض".
وأضاف الذهب: "في الهدنة الحالية يحقق الحوثي الإنجاز تلو الآخر، فيما الحكومة لا يسعها مقابل فتح مطار صنعاء، أن تفتح ربع طريق في تعز المحاصرة منذ سبع سنوات".
وتساءل الخبير العسكري: "ترى ماذا وراء الأكمة؟".
وعقب انطلاق أول رحلة تجارية من مطار صنعاء الدولي أمس الاثنين، اكتفت الأمم المتحدة بالدعوة لاجتماع للاتفاق على فتح منافذ تعز.
من جانبها، دعت واشنطن والمجلس النرويجي وفرنسا وعدد من الدول الأوروبية والمنظمات، دعت إلى سرعة فتح منافذ تعز، وذلك عقب فتح مطار صنعاء.
ومطلع أبريل الماضي، أعلنت الأمم المتحدة، عن هدنة إنسانية في اليمن لمدة شهرين، تتضمن وقفا شاملا للعمليات العسكرية وفتح مطار صنعاء إلى وجهات محددة، ودخول سفن الوقود إلى ميناء الحديدة، ورفع الحصار الحوثي المفروض على محافظة تعز منذ سبع سنوات، وفتح المنافذ البرية بين المدن اليمنية.
ورغم دخول سفن الوقود إلى ميناء الحديدة، وفتح مطار صنعاء، ما تزال مليشيا الحوثي تُمعن في محاصرة مدينة تعز واستهداف المدنيين وقصف الأحياء السكنية، وسط تأكيدات شعبية بأن المليشيا لا يمكن أن تفتح منافذ تعز الرئيسية، وأن ذلك لن يتأتى إلا من خلال دعم الجيش الوطني واستكمال تحرير المحافظة.