كتابات
بعيداً عن التوصيف الدستوري لمجلس القيادة الرئاسي والذي نقلت إليه صلاحيات الرئيس "هادي" مؤخراً، فإن ظروف المرحلة وما وصلت إليه الأوضاع تكسب التغيير في مؤسسة الرئاسة أهمية كبيرة، خصوصاً بعد أن أخفقت مؤسسة الرئاسة والحكومة والبرلمان في مواجهة الأحداث منذ 8 سنوات في اليمن.
ومع أني لست مبالغاً في التفاؤل في الصيغة الجديدة لمؤسسة الرئاسة؛ مالم ألمس تحسناً في الحياة المعيشية لليمنيين، واستقراراً أمنياً في واقع الناس اليومي؛ لكني مؤمناً بضرورة التغيير بما يتواكب مع المرحلة ويواجه الظروف الطارئة التي فشلت أمامها رئاسة هادي.
ومع قناعتي بأن الرئيس "هادي" لم يُفسح له المجال لأداء دوره الرئاسي في توفير الاستقرار المعيشي والأمني وتوحيد الصف الداخلي في مواجهة الخطر الحوثي؛ إلا أنه للأسف ساهم إلى حدٍ كبير في إضعاف شرعيته والتفريط في صفته القانونية وشخصيته الاعتبارية كممثل دستوري وقانوني لكل اليمن، بصمته الطويل، ما ساهم في تشظي نسيج الشرعية وبروز كيانات موازية لها.
وبالتالي فإن بقاء مؤسسات الرئاسة بصيغتها الدستورية هذه حبيسة الجدران في فنادق الرياض، وغائبة عن واقع الشعب وحياتهم، غير قادرة على إنقاذ اليمنيين من الجوع والانهيار المعيشي والحرب الاقتصادية، بات يشكل خطراً على حياة الشعب اليمني المطحون.
بمعنى أن الدور السعودي الإماراتي اليوم بحلة الرئاسة الجديدة القائمة على توحيد الكيانات المتخاصمة تحت سقف الشرعية، لابد أن يكون كبيراً يلبي طموحات 30 مليون يمني في إنقاذه من حافة الانهيار المعيشي، وإيقاف خطر الحوثي الانقلابي.
وعلى المجلس الرئاسي الجديد استشعار المسؤولية والعودة إلى العاصمة (عدن) للبدء في ترجمة التفويض الرئاسي والتوجه الإقليمي والعالمي في حل الأزمة اليمنية، ورغبة التحالف في حل الأزمة اليمنية، وتطلع اليمنيين لعودة الخدمات الأساسية واستقرار معيشتهم وحياتهم الأمنة التي خسروها.
ينتظر الرئيس الجديد رشاد العليمي وفريقه وطنٌ مزقته الحرب وشعبٌ انهكته المتغيرات، وغياب سلطة جعلته يصارع الأخطار بمفرده منذ 8 سنوات، لذا حان الوقت للململة النسيج اليمني الممزق، وإذابة المعوقات، ورأب الصدع، وردم الهوة بين مختلف القوى، وتوحيد الجهود لعودة التنمية واستعادة مشروع الدولة.
إن لم يُترجم التغيير الحاصل في جسد السلطة إلى واقع عملي يلمسه المواطن، بعودة مؤسسات الرئاسة والبرلمان والحكومة إلى العاصمة المؤقتة عدن، ودمج كافة التشكيلات العسكرية والأمنية تحت قيادة الحكومة، وتوحيد الخطاب الإعلامي واصطفاف القوى السياسية والاجتماعية، وتوحيد الوعاء الإيرادي للبلد، سيبقى ماجرى انقلابا لمجرد الانقلاب، وتمزيقا لجسد الوطن الممزق أصلاً.
نأمل أن يقتنص المجلس الرئاسي هذه الفرصة التأريخية التي سنحت له، بتأييد الأمم المتحدة وضمانة الإقليم ودعمه، وتوافق الكيانات المتخاصمة وتوفر رغبة اليمنيين الجامحة للتغيير وتحسن الظروف، وأن يجعل نصب عينيه أن فشله في اغتنام هذه الفرصة سيعمّد تمزيق اليمن إلى سلطانات وكيانات بشكل رسمي.