الحديث عن ثورة فبراير في عقدها الـ 10 في ظل الانقلاب على نظام الدولة ومؤسساتها، لم يكن مجرد حديث تحت مؤثر حماس اللحظة، للدفاع عنها أو لتبرئة ساحتها من غبار الشماتة أو إعراض المتنكبين؛ بقدر ما هو حديث عن ثورة قيم خالصة، ومحطة ثورية هامة في تأريخ اليمن الحديث، وعلامة فارقة في صناعة التحولات، وغرس مبادئ النضال...
إن لم يحن الوقت المناسب لتحقق أهدافها بعد، فلا يعني أنها فقدت خاصيتها الثورية وروحها التغييرية؛ بل العكس تجذرت خاصية التآصل الثوري أكثر من ذي قبل في نفوس الأجيال المناضلة، فكما أنها مثلت المحطة الأبرز في التعبير عن انفجار ثوري شعبي في كل ميادين السلمية، بطريقة حضارية راقية؛ فقد كانت ايضاً محطة وعي، وحّدتْ النسيج المجتمعي الرافض للانقلاب الكهنوتي مبكراً؛ انعكس ذلك في الثبات بميادين النضال والكفاح المسلح والمقاومة الوطنية.
وبالتالي فإنّ محنة إنقلاب (الحوثي و صالح) على نظام الدولة ومؤسساتها في الـ 21 من سبتمبر 2014م أكد على نفاسة معدن الـ 11 من فبراير الوطني، التي كشفت لنا _ وإن جاءت متأخرة في 2011م _ عن أخطر ما يتربص بالجمهورية من مؤامرات كهنوتية ودسائس إمامية ظلامية تجعل من الوطن فيداً، ومن الشعب سادة وعبيداً، وتؤكد على انتقامية مشروع الإمامية الطائفي من مشروع الدولة المدنية الاتحادي.
ثورة فبراير السلمية ولدت لتبقى حضارية راقية، ومدنية خالصة... ما كسرت غصناً ولا قطعت شجرةً ولا طريقاً؛ مااحتلت مؤسسة مدنية اوعسكرية أوسياسية أو مجتمعية؛ لم تنهب ثروة ولم تصادر حق، ولم تنشر فكر عصبي طائفي أو مناطقي أوسلالي هدام.
مااختطفت الرئيس، ولا حاصرت الحكومة و البرلمان ولا حملت السلاح بوجه الدولة، لم تثأر لقتلاها بالقتل ولا بالأسر ولا بالتهجير ولا بتغيير الدستور أو القوانين ولا... ولا...
باختصار لم تنقلب ولم تمارس الردة عن الجمهورية ولم تبتلع أي من مؤسسات الدولة.
بل قال "ارحل يا مستبد" ولم تقتله !